الفصل الثامن
هل من مدد للحياة ؟؟
تذوب الكلمات في نظرة عيونهما وعدم استيعاب كل منهم أن نصفه الأخر أمام عيونه مره اخري في أقل من 24 ساعة وكأن ضجيج الروح قد قاد كل منهما الي هذا المكان بحثا عن نصفه الأخر .
يدور في رأس كل منهما نفس الإستفهام … هل كان عدم لقاؤنا ولو صدفه طوال الاعوام السابقة رحمة من القدر أم عقاب لكل منهما علي التفريط في من سكن قلبه وتسليمه للعند والظروف ؟؟؟؟
يقطع محمود الصمت بإبتسامة تخرج من أعماق قلبه وكإن الروح مبتسمة .. ازيك يا نور.
أنا مش مصدق إني شوفتك تاني النهاردة صدفة .
نورفي ذهول ومحاولة تفريق الحلم عن الواقع ..إ زيك يا محمود … أنا كمان مش مصدقة … محمود دا نفس المكان .
ويخرج صوته وكانه من منبع الروح … مبطلتش أجي يا نور … مبطلش أجي .
نور وعيونها تتحدث قبل كلماتها…. وانا معرفش أنا رجلي جابتني هنا إزاي أنا كنت قاعدة في الكافتيريا الي هناك وخرجت قولت أتمشي شوية علي البحر لاقتني وصلت هنا
مبتسما … ودا لحظي الحلو علشان ……
بصوتها الرقيق وابتسامه شوق … علشان ايه يا محمود
تأتي همساته علشان أشوفك يا نور …. طمنني علي حياتك … هو أنا ممكن أعزمك علي شاي وشيكولاتة لسه يا نور بتحبي تشربي الشاي وتأكلي شيكولاتة أدام البحر .
نور بابتسامه منبعثة من روحها … أه لسة إنت لسة فاكر .
بصوت يحمل تنهد الم الفراق عمري ما نسيت حاجة يا نور .
يدخلان معاً الي الكافتيريا ليختاروا منضدة مقابلة تماماً للبحر عادة في هذا الوقت من الصباح الباكر يكون المكان هادئ جدا إلا من ضجيج الامواج .
تجلس نور أمام محمود وكأنه يستوعب انه في حقيقة ونور تجلس أمامه فعلا وليس من قيبل الحلم و الخيال .
محمود مستدعيا النادل … واحد شاي بدون سكر وواحد شاي بمعلقين سكر وقطع من الشيكولاته بالحليب
وكأنهما لم يفترقا لثماني سنوات وكأن الروح وجدت خليلها بدأت نور تحكي وكأنها أصدقاء لم يفرقهما عمر ولم يتفارقا يوماً
نوروقد بدأت في سرد ما مضي من عمر دونه بنبرة تحمل الألم وانين الزمن :
لما سافرت إنجلترا أنا بدأت أدرس هناك هندسة ديكور قررت أعمل ماجستير في جامعة مانشتسر وأتعمق في دراستي كان كل همي إني انجح في دراستي وبس لحد ما إتعرفت علي مارك .
مارك كان الدكتور بتاعي وعنده مكتب ديكورات معروف في ولاية مانشستر بدأ يقرب مني وأداني فرصة عمري إني أشتغل في مكتبه توطدت العلاقه ما بنا بس من بالنسبالي كانت علاقه صداقة او ابوة مش لاقية ليها مسمي لحد النهاردة هو أكبر مني ب 15 سنه لحد ما في يوم فجأني إنه طلب إيدي للجواز .
طبعا وقتها رفضت لأنه علي غير ديانتي والحقيقة كان عندي فقدان ثقة في لحظتها أنا مقدرتش اتخطى وجعك يا محمود وقتها خوفا أدي ثقة تاني لأى شخص أتوجع .
تبتسم إبتسامة ليأتي خلفها ضحكة بألم تصدق يا محمود أني بقت بحب شمس دين التبريزي زيك وبحب اللغة العربية لتتوقف عن الكلام وكأنها أدركت انها لست في لحظات عتاب فهي حتي لا تعرف شيئاً عن حياة محمود بعد كل هذه السنوات .
محمود مبتسما .. سكتي ليه يا نور .. عارفة إنها مفاجأه ليا إنك بتحبي الشعر الصوفي زمان كنتي بتقوللي إيه الكلام الغريب دا ومين شمس دا
ليضحك كل منهما وكأنهما للحظة من الزمن تنسا مرورالعمر دون الأخر .
تسترد نور مكمله حديثها
بعدها بشهرين تقريباً اتفجئت بيه بيستدعني في المكتب الرئيسي في الفترة دي كان بيحاول يتقربلي بكل شكل
دخلت المكتب علشان أتفاجئ بيه بيديلي نسخة من المصحف بيقولي أنه أشهر إسلامه .
وانه دلوقتي مافيش عندي أي مبرر لرفضه
عقليا هو كان شخص مناسب جدًا أي بنت مكاني تتمني
برفسيور في جامعةً مانشتسر عنده مكتب مشهور جداً أي مهندس في مكاني كان يتمني فرصه زي دي أو أنا كنت فاكرة كدا .
كل حاجه تمت بسرعة جداً توضيب البيت الفرح جوازنا كل حاجة تمت بأسرع مما كنت أتخيل او أتوقع ملحقتش حتي أقعد مع نفسي لو فترة علشان أفكر إذا كان دا اللي أنا عاوزة فعلا او لا .
تتنهد نور لتناول قطعة من الشيكولاتة مع رشفة من الشاي وتنظر للحظات الي البحر لتغرق روحها بين أمواجه وتعود من جديد إلي الواقع تنظر لمحمود مكملة حديثها بنبرة تحمل الألم والوجع تفوق حجم روحها
بعد ما إتجوزت مارك كل حاجة أختلفت مبقاش البرفسيور بتاعي ولا المهندس الإنجليزي الأنيق من أول ليلة في زواجنا وإكتشفت فيه شخصية تتلذذ بوجع كل اللي حواليه ساعتها فهمت ليه مافيش أي علاقه نسائية إستمرت في حياته ولأن الفاس وقعت في الرأس زي ما بتقولوا عندكو في مصر كان لازم أستمر خصوصاً أني مكنش عندي إستعداد إني أعلن فشلي مره تانية..
ليقاطع محمود كلامها بتنهيده داخلية ….أنا الي كنت فشلك المرة الأولى يا نور صح.
تكمل نور كلامها وكان محمود لم يقل شيئا لأنها تعلم في داخلها جيدًا أن ردها سيقتل كل منهما حياً .
عشت مع مارك أسود أيام عمري ضرب وإهانه إستهزاء بكل حاجة حلوة أعملها .
معرفش إزاي الإنسان ممكن يكون بالشكل دا
إنسان لبق جداً أدام كل اللي حواليه مثال يحتذي بيه في الذوق والرقي في التعامل بس لما يتقفل عليكوا باب تلغي جميع المظاهر العرقية والداخلية ولا يبقي الا السواد .
والي اكتشفته بعد كدا إنه حتي دخوله الاسلام كان مجرد صورة شكلية من اجل جوازه مني بس
وتسترد نور في حديثها ممسكة دموعها فضلت الفترة الأولى من الجواز مش بحكي حاجة لحد من اللي حواليا متعودش أظهر ضعيفة او مهزومة أدام حد لحد ما جه مرة كان سكران تماماً مش شايف أدامه صحيت علي تكسير جامد في الاوضة وضرب بدون مبرر واضح ووقتها الحاجة الوحيدة إلي كانت ادامي إني خرجت بملابس النوم وبدون نقود وإتجهت لبيت والدي الي كان بيبعد اكتر من ساعة عن بيتي هربا منه فجراً ..
وصلت بيتي والدي وأنا في حاله تامة من الانهيار واول لما ماما فتحت باب البيت علي اصوات الجرس المتتابعة مني في حالة ذهول سقطت بإغماء ولم أدري بأي شئ بعدها غير وأنا في المستشفي وفي حضن ماما اللي بتحاول تفهم اللي حصل خاصة انهم حاولوا يتواصلوا كتير مع مارك وبما أنه كان سكران الليلة الي قبلها فدخل في حالة نوم عميق ومش داري بحاجة وأول ما بدأت أفوق وأجمع لدكتورفجائني بخبر الحمل وقتها مكنتش عارفة أفرح ولا أزعل كل الي اعرفه إنها كانت اللحظة الي خدت فيه قرار الإنفصال عن مارك .
زي ما يكون لحظة معرفتي بحملي هي لحظه قراري بالتحررمن سجن مارك .
تصمت نور لتشعر كإنها تريد مسح تلك الفتره السوداء من ذاكرتها فما مرت به من علاقه زوجية كانت كفيلة ان تجعلها تلعن كل رجل بما فيهم محمود فدائما ما في داخلها جزء يحمله ذنب زواجها من مارك ..إحساس مؤلم لم تبوح به أبدا حتي داخلها ….
يقطع محمود الصمت محاولاً تجميع كلماته فما قصته عليه نور من حياة مؤلمة مرت بها كان كفيلاً أن يشعره بالذبح حيا بداخله سؤالا واحداً فقط فكيف أن كل هذا الألم تتحمله نور بكل رقتها وجمالها ؟؟؟؟ هل كل هذا ذنبه أنه تركها في يوم ؟؟؟ أم هذا هو النصيب ؟؟
لياتي صوته الدافئ .. ياااه يا نور إستحملتي كل دا …. أنا أٍسف علي كل ألألم اللي حستي بيه .
نور بصوت مكتوم محاولة رسم ابتسامة .. أٍسف علي إيه هو نصيب …المهم إحكلي انت بقي عن حياتك .
محمود بنظره حاضنه لقلب نور وكأن عيونه تواسيها لسه زي ما إنتي يا نور رغم كل وجعك بترسمي ابتسامة .
ولازالت علي شفتيها نفس الأبتسامة فاكر زمان كنت بقولهالك دايماً الإبتسامة أسلوب حياة يلا كلمني عنك وعن حياتك وتصمت للحظات ثم تكمل حديثها……. وعن مراتك .
أنا لسه راجع مصر من كام شهر قررت إني هستقرهنا بعد ….
ليقطع حديثه جرس المحمول الخاص بنور وتستأذنه نور في التحدث
دي المربية بتاعت محمود ثانية واحدة أرد عليها ونكمل كلامنا سوري اني بقاطعك .
المربية علي الهاتف
ليأتي رد نور عليها بهلع إنتي بتقولي إيه وإزاي مكلمتنيش اول لما عرفتي أنه سخن جامد إنتي عارفة أنه السخونة إنذار بالخطر للولد أنا جايه حالاً خمس دقايق وأكون عندك
تغلق الهاتف محدثة محمود
محمود إبني تعبان جداً وحرارته 40 أنا لازم أمشي وبدون أي كلمة اخري .
تنطلق مسرعة من الكافتيريا لتستقل سيارة أجره لتصل سريعا الي منزلها…. لم يستطيع محمود اللحاق بها فكل شئ حدث في لحظو واحدة لم يأخد حتي رقم هاتفها أو يعرف عنوان مسكنها وكأنها دقائق سرقت من الزمن لتجمعه مع نور ولا أحد يعلم إذا كان سيراها مرة أخري أم إنها كانت فقط مدد من الحياة ……
يغادر محمود الكافتيريا وفي داخله قلق مرعب علي إبن نور الذي كان من المفترض أن يكون ولده منها في يوم من الأيام ولكنه كان إختياره من البداية وامام عينيه
قول جلال الدين الرومي
فهذا كان كل ما يريده في تلك اللحظه فقط ان يعود الي روحه التي عانق…
نهاية الحلقة الثامنة
#الكاتبة _نور_البشرى
# رواية نور _الروح
تفتكروا هيتقابلوا تاني ولا كل واحد فيهم هيرجع طريقه بعيد عن التاني
متنسوش الفوت للحلقة ومتابعة للاكونت وكومنت بدعوة حلوة منكم 💌